[إن النساء شقائق الرجال فكما أن الرجل تعجبه المرأة فكذلك الرجل يعجب المرأة فقد صار من حق المرأة أن تختار الرجل الذي ستقاسمه حياته وتظل تحت سلطانه بقية عمرها ...
وعلى الولي أن يختار لكريمته فلا يزوجها إلا لمن له دين وخلق وشرف وحسن سمت فإن عاشرها عاشرها بمعروف وإن سرحها سرحها بإحسان .
قال الغزالي في ( الإحياء )
والاحتياط في حقها أهم لأنها رقيقة بالنكاح لا مخلص لها ، والزوج قادر على الطلاق بكل حال .
فما هي الصفات التي ينبغي أن تتوفر في شريك الحياة ورفيق العمر والذي ستسلمينه رايتك وتبايعينه على قيادة سفينة حياتك وستكونين معه يأخذ بيدك في ضروب الحياة حتى تسمعا معاً أدخلوها بسلام آمنين .
إن حسن الاختيار هو البوابة الأولى التي تدخلين منها إما إلى السكن والمودة والرحمة وإما إلى الشقاق وعدم الوفاق .
فما هي الصفات التي يجب تخيرها في الزوج ؟
1)أن يكون صاحب دين
حديث أبي هريرة أن رسول الله ? قال:
" إذا أتاكم من ترضون دينه وخُلُقه فزَّوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ".
فمما لا شك فيه أن التساهل في عدم الاهتمام بتدين الخاطب أساس الضياع والشقاء في الدنيا والآخرة .
فينبغي الحرص على صاحب الدين وإن كان فقيراً
2)أن يكون حاملاً لقدر من كتاب الله عزَّ وجلَّ
فلقد كان أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة ( ذلك الصحابي المهاجري ) من أوائل المهاجرين والمسلمين وأبو عتبة وعمه شيبه وأخوه الوليد بن عتبة كانوا جميعاً من أسياد مكة وأغنيائها إلا أن أبا حذيفة زوَّج أخته (هند) من ( سالم مولاه) سالم مولى أبي حذيفة لأنه كان واحداً من حفظة القرآن .
3)أن يكون من بيئة كريمة.
- فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث سعيد بن المسيب أن النبي ? قال:
" الناس معادن كمعادن الذهب والفضة ، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ".
4)أن يكون رفيقاً لطيفاً بأهله ( حسن الخلق)
" أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وألطفهم بأهله ".
فعلى المسلمة أن تحرص حرصاً كبيراً على التأكد من حُسن خُلق الخاطب ولا تقصر في هذا الأمر ، فإن الزوج إن كان سيء الأخلاق قبيح المعاملة ساءت الحياة الزوجية .
و أن أساس الخُلق : الحلم والتواضع والكرم والرحمة .
5)أن يكون مستطيعاً للباءة بنوعيها.
( وهي القدرة على الجماع وعلى مؤن الزواج وتكاليف المعيشة)
- فلقد قال النبي لفاطمة بنت قيس كما في صحيح مسلم :
" أما معاوية فصعلوك لا مال له ".
- ولقد حث النبي الشباب على الزواج عند استطاعتهم الباءة ، فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله :
" يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ".
6)أن يكون قوياً أميناً
قال تعالى : {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ } ( )
فالرجل الغير أمين يضرب المرأة ويهينها فأين هي كلمة الله إذاً فلا يحل له أن يضربها بغير جريرة
ولا يحل له أن يهجرها بغير جريرة وينبغي أن يتلطف معها .
فالمرأة تبذل مجهود غير طبيعي من تربية الأولاد وترتيب البيت وتعليم الأولاد والله عزَّ وجلَ أعطاك القوامة وأعطاك من سعة الصدر لما يسع أربعة نسوة
فكيف لا تصبر على امرأة واحدة ...... إذاً هناك خلل
7)أن يكون كفؤاً
ومعنى الكفاءة : المساواة والمماثلة
فالكفاءة : هي المساواة والتقارب بين الزوج والزوجة في المستوى الديني والأخلاقي والأجتماعي والمادي ولا ريب أن تكافؤ الزوجين من الأسباب الأساسية في نجاح الزواج وعدم التكافؤ يُحدث نوعاً من النفرة ويسبب الفسخ والشقاق .
والكفاءة تشمل :
1.الكفاءة في الدين
{الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ }
2.الكفاءة في النسب
وهي معتبرة عند جمهور العلماء خلافاً للإمام مالك .
3.الكفاءة في المال
قال تعالى : {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ } ( النساء 34 )
وهي معتبرة عند الحنفية والحنابلة وقول عند الشافعية .
4.الكفاءة في الحرية
وهي معتبرة عند الحنفية والحنابلة خلافاً لمالك .
5.الكفاءة في الصنعة والمهنة
وقد اعتبرها الحنفية والشافعية والحنابلة .
6.السلامة من العيوب ( أي العيوب الفاحشة )
وهي معتبرة عند المالكية والشافعية وابن عقيل من الحنابلة .
لكن هناك سؤال : هل الكفاءة شرط في صحة النكاح ؟
? القول الأول : أن الكفاءة ليست شرطاً في صحة النكاح ( وهو القول الراجح )وهو قول جمهور العلماء منهم أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد.
والقول الثاني : أن الكفاءة شرط في صحة النكاح .
وهو مذهب الإمام أحمد ، والثوري ، وبعض الأحناف .
والتحقيق في المسألة أن الإسلام لم يشترط الكفاءة بين الزوجين إلا في الدين والخُلق .
بإختصار:
أن الكفاءة في الدين هي الشرط الوحيد في النكاح وأما فيما عدا ذلك فليس بشرط ، لكن لكل من الزوجين وأولياء الزوجة الحق باختيار من يناسبها ويساويها وتحسن معه العشرة وتتحقق معه دواعي الاستقرار والانسجام في الأسرة وتجنب دواعي الشِقاق والضرر والتنغيص لكنها إن تنازلت عمّن يناسبها من حيث الحسب والصنعة والمال ونحو ذلك فزواجها صحيح لا شئ فيه .
فوائد وملاحظات
1.الكفاءة عند من يشترطها إنما هي في حق المرأة والأولياء :
بمعنى أن المرأة وأولياءها إن رضوا بعدم الكفء صح النكاح ولم يقل الإمام أحمد ولا غيره من العلماء أنه باطل .
2.كثير ممن لا يشترطون الكفاءة في صحة النكاح يرون أنها شرط لزوم:
بمعنى أنه : إن عُقد النكاح مع وجودها لزم النكاح ، وإن عُقد النكاح مع عدم وجودها برضا المرأة والأولياء صحَّ ، وإن لم يرض أحد الأولياء فله فسخ النكاح .
3.الكفاءة معتبرة في الرجل دون المرأة :
فإذا تزوج الرجل امرأة ليست كفؤاً له فلا غبار عليه لأن القوامة بيده والأولاد يُنسبون إليه والطلاق بيده .
5.الرجل العالم كفء لكل امرأة.
قال الشيخ محمد إسماعيل: أعلم أن الفقهاء الذين تشددوا في اشتراط الكفاءة وتوسعوا فيه قالوا : الرجل العالم كفء لكل امرأة مهما كان سنها وإن لم يكن له نسب معروف وذلك لأن شرف العلم دونه كل نسب وكل شرف .
قال تعالى : {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ }..
منقول للفائدة
نسألكم الدعاء بظهر الغيب